- البيئة التنافسية تتغير أمام أعيننا. المنتجات والخدمات التي كانت ذات يوم بملكية البنك الحصرية صارت تعرض من خلال منصات وقنوات عديدة ومتنوعة وبواسطة تكنولوجيا متقدمة ومبتكرة. كل هذا يشكل تحديًا كبيرًا لنموذج العمل القائم اليوم، ويشكّل خطرًا على ربحية المؤسّسات التقليدية. من ناحية أخرى، إنها بالطبع فرصة للاستفادة من خصائص البيئة التنافسية لصالح التعاون الاستراتيجي الصحيح، والتفكير خارج الصندوق في الطريقة الصحيحة لتبني هذه التغييرات لتعزيز نموذج العمل وتنويع مصادر الدخل.
- يخلق التقدم التكنولوجي فرصًا للمؤسّسات المالية لإعادة التفكير والتجديد والتحدي فيما يتعلق بالطريقة التي يتم بها تنفيذ العمليات التجارية والعمليات التشغيلية وإعادة تعريفها من خلال استخدام التقنيات المتقدمة.
- تتزايد التوقعات الاجتماعية من البنوك وتتوسع لتشمل مواضيع تحظى بمكانة مركزية وأهمية قصوى، بما في ذلك المطالبة بالمشاركة وأخذ مسؤولية اجتماعية ضخمة، وتعزيز قيم المساواة والحفاظ عليها، والشمول المالي لجميع السكان والتفكير في القضايا ذات الأهمية القصوى لمستقبل المجتمع و مستقبل الكرة الأرضيّة التي نعيش عليها ومعالجتها.
- من المؤكد أن دور الهيئة التنظيميّة بنظرة تقرأ المستقبل هو مليء بالتحديات. أرى أهمية كبيرة في تنفيذ العمليات اللازمة منذ اليوم حتى تتمكن الهيئة التنظيميّة المستقبلية أيضًا من الرقابة بشكل ناجع، والمبادرة والتمكين والقيادة.
- تم التعبير عن ذلك بشكل مباشر في الرؤية التي حددناها للرقابة على البنوك: "أن تكون رقابة رائدة ومهنيّة ومبادرة لصالح الجمهور والجهاز الاقتصادي".
- إن تعزيز البيئة التنافسية وتفريغ الخدمات والمنتجات القائمة والمتطورة في هذا السياق، يؤثر بشكل مباشر على تعقيد التحدي التنظيمي الناتج عن ذلك، وعلى هيكل ومسؤولية الهيئات التنظيمية المختلفة. كما أنّ القوانين الجديدة ونشاط السلطة التشريعية تساهم أحيانًا في زيادة هذا التعقيد.
- سأتطرّق في هذا السياق إلى لجنة فحص هيكل التنظيم المالي، والتي تم الإعلان عن إنشائها مؤخرًا، وستتضح توصياتها وتبعات هذه التوصيات عند إنهاء عملها. في نفس المساحة التي نعمل فيها، من واجبنا ومسؤوليتنا العمل بشكل مهني وموضوعي ومحترم. وتجاهل الاعتبارات المتعلقة بالفخر والمكانة والأنا والاعتزاز، وعمل ما هو مطلوب حتى تتمتع الأسواق التي نتحمل مسؤوليتها بالاستقرار والازدهار وتؤدي دورها المناسب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للجهاز الاقتصادي الإسرائيلي.
صباح الخير،
يسعدني أن أفتتح هذا صباح مؤتمر الرقابة على البنوك لعام 2021. ويسعدني جدًا أن أجدد هذا التقليد المشرّف، بعد استراحة قصيرة بسبب فترة الكورونا، كما يسعدني على وجه الخصوص أن أراكم جميعًا هنا اليوم. أعتقد أن العلاقة بين الرقابة على البنوك والجهات المختلفة في الجهاز الاقتصادي الإسرائيلي وفي عالم المال والجهاز المصرفي هي علاقة مهمة للغاية ونحن ملتزمون بمواصلة تقويتها ورعايتها. المؤتمر اليوم هو بالتأكيد خطوة هامّة على هذا الصعيد.
شكرًا جزيلا لمحافظ بنك إسرائيل، بروفيسور أمير يرون، على تكريمنا بمحاضرته الافتتاحية. أنا متأكد من أن أقوال المحافظ قد وفرت لنا جميعًا العديد من الموضوعات التي يجب التفكير فيها خلال المؤتمر وما بعده.
يتناول مؤتمر الرقابة هذا العام موضوع "التحديات والفرص بنظرة مستقبليّة". قراءة المستقبل هو عمل طموح، قد يقول البعض أنه طموح للغاية، وقد وصفه بيتر دروكر جيدًا عندما قال: "إن أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي خلقه".
انا لن أحاول التنبؤ بالمستقبل، ولا أن أخلقه، لكنني سأحاول استغلال وقتنا معًا اليوم لتعريف مصطلح "خدمات مصرفية مضطربة" وذكر بعض الأفكار حول التحديات والفرص التي نواجهها، والتي سيكون لتحليلها وتنفيذها تأثيرًا على مستقبل السوق المصرفي والمالي، وبالتالي، على المجتمع الذي نعيش فيه.
ما هو الاضطراب؟ الاضطراب هو حدث يخرق النظام. حدث يشوّش ويمس بالمسار الطبيعي لنشاط أو منتج أو سوق معين. أحد الأمثلة الأكثر شيوعًا لحدث اضطراب وتشويش يأتي من عالم التكنولوجيا ، ويُعرف باسم "الابتكار التشويشي". نحن محاطون بالعديد من الأمثلة لابتكارات تكنولوجية خلقت سوقًا جديدة تمامًا وفي وقت قصير، وعطلت تكنولوجيا قائمة واستبدلتها.
نحن نشهد في السنوات الأخيرة تكثيفًا وزيادة في وتيرة عمليات التعطيل وأحداث التشويش في العالم التكنولوجي، وتأثيراتها أيضًا على الأسواق التقليدية. وفقًا لتقديراتي فإن الآثار الاقتصادية والتكنولوجية وبالأساس الاجتماعية لفيروس الكورونا ستكون أيضًا حافزًا كبيرًا إضافيًّا لذلك.
لم تفوّت هذه الظاهرة السوق المصرفي والمالي بل إنها إلى حد ما ملموسة فيهما أكثر من الأسواق الأخرى.
إن الميزة المحافظة المتأصلة في عالم الخدمات المصرفية التقليدية هي أرض خصبة لعمليات اضطراب وتشويش كبيرة. هذه العمليات تدفعنا للقول بوضوح إنّ سوق الخدمات المصرفية لم يعد يسير على مسار التطور البطيء والثابت، والذي يتقدم فيه الجهاز المصرفي بطريقة مدروسة ومنظمة، وانّما يسير على مسار الثورة والذي يتغيّر بشكل ديناميكي وبوتيرة سريعة. إن المسار الثوري قد بدأ وسيستمر، بوقت قصير نسبيًّا، في تغيير الأعراف والعمليات والمنهجيّات والثقافات كما عرفناها وخلق عالم مختلف،. وفق تقديري، فانّ الوضع الجديد الذي سيستقر، عندما يستقر وفي حال استقر، يمكن أن يسمى الوضع الطبيعي الجديد (New Normal)، وسيكون مختلفًا عما نعرفه اليوم.
كم هو مختلف؟ وفق تقديري هذا ليس سؤالًا يمكن الإجابة عليه بقدر معقول من الثقة، إذا كان ذلك ممكنًا أصلا. في الوقت نفسه، من وجهة نظري فانّ الدقة في الإجابة هي أقل أهمية. لكن من الواضح أن واجب كل جهة في النظام الإيكولوجي هو التغلب على الاضطراب مع تقليل المخاطر من ناحية والاستفادة من الفرص والإمكانيّات من ناحية أخرى. وحتى لا نضلّل أنفسنا، فإنّ المخاطر والفرص أيضًا قائمة بشكل كبير في الاضطراب الذي نمر به جميعًا.
هناك عدد كبير من العوامل التي تخلق الاضطراب في العالم المصرفي. يرتبط جزء منها ارتباطًا وثيقًا ببعضه البعض، وجزء آخر يرتبط بشكل متباعد وجزء منها قائم بحد ذاته. القاسم المشترك لجميع العوامل هو أنها تخلق الاضطراب وكل منها ينطوي عليه خطرًا معينًا وتحديًا حقيقيًا، ولكن في نفس الوقت أيضًا فرصة كبيرة.
سأستغل الدقائق القريبة للتطرّق إلى بعض الأسباب الرئيسية للاضطراب. من المؤكد أن كل عامل من العوامل التي سأذكرها يتكون من عدد كبير من الموضوعات ويمكن مناقشتها بإسهاب، لذلك سأحاول لضيق الوقت، التحدث بشكل عام مع التركيز على العوامل الأهم.
سأقسّم عوامل الاضطراب إلى ثلاث مجموعات رئيسيّة:
- بيئة المنافسة
- التكنولوجيا والمعلومات
- التغييرات في الرأي العام والذوق العام
البيئة التنافسية تتغير أمام أعيننا. المنتجات والخدمات التي كانت ذات يوم بملكية البنك الحصرية صارت تعرض من خلال منصات وقنوات عديدة ومتنوعة وبواسطة تكنولوجيا متقدمة ومبتكرة. النشاطات التي كانت تنفذ سابقًا بشكل تقليدي على يد البنوك، أصبحت تنفذ اليوم على يد شركات ومنصات تكنولوجية وجهات إضافيّة عديدة والتي تقدّم خدمات متنوعة مثل خدمات الدفع، خدمات بالأصول المالية، العملة، المعلومات وغيرها. الابتكار والمنافسة، اللذان يخلقان قيمة للزبون ورفاه للمستهلك، يستمرّان في التطور والتقدّم بوتيرة سريعة.
كل هذا يشكل تحديًا كبيرًا لنموذج العمل القائم اليوم، ويشكّل خطرًا على ربحية المؤسّسات التقليدية. من ناحية أخرى، إنها بالطبع فرصة للاستفادة من خصائص البيئة التنافسية لصالح التعاون الاستراتيجي الصحيح، والتفكير خارج الصندوق في الطريقة الصحيحة لتبني هذه التغييرات لتعزيز نموذج العمل وتنويع مصادر الدخل.
من المهم التأكيد أنه حتى في العالم التنافسي الثوري، تتمتع البنوك بالعديد من المزايا. إن ثقة الزبائن والجمهور في الجهاز المصرفي هي الكنز الأساسي للجهاز، وهو كنز يجب الحفاظ عليه ورعايته على مرّ الوقت. دون الحاق الضرر باللاعبين الآخرين. تعد ثقة الزبائن والمواطنين في الجهاز المصرفي أحد الكنوز التي تميزه عن اللاعبين الآخرين ومن شأنها خلق ميزة في عالم تنافسي متغير وغير مستقر.
وفي عالم مضطرب على وجه الخصوص، تزداد أهميّة التكنولوجيا والمعلومات. إن تبنّي التكنولوجيا المتقدمة هو الأساس للتطورات التي نشهدها في الآونة الأخيرة ويعد ربما أهم عوامل الاضطراب. من المحتمل جدًا أن يكون من الصحيح للبنوك التقليدية أيضًا أن ترى نفسها كشركات تكنولوجية تقدم خدمات مالية.
ليس هناك شك في أن التكنولوجيا والرقمنة قادرة بشكل كبير على تغيير خصائص الاستهلاك وقيادة السوق لاتجاه "الخدمات المصرفية الغارقة"، أو "الخدمات المصرفيّة المضمنة" أو "الخدمات المصرفية السلسة" والتي بإمكانها تعزيز تجربة الزبون وقدرته على تلقي عروض قيمة تلائم احتياجاته. هذا من منظار الخدمات المصرفية كمسار واحد من النشاط، عندما يتم دمج التكنولوجيا والرقمنة فانّها ستؤثر وتتفاعل وتجلب قيمة في العديد من النشاطات الأخرى في حياة الزبون.
وعندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا، لا يمكن عدم تناول الأنظمة المصرفية الأساسية. لا تزال الأنظمة الأساسية القديمة العمود الفقري والأساس للنشاط التكنولوجي للنظام المصرفي، ولكن حتى هنا يلاحظ التغيير والتطور. إنّ عمليات التجديد والتحديث والعصرنة تعتبر اليوم ضرورية لإتاحة أوقات استجابة مناسبة، ولتحقيق تقنيات متقدّمة مختلفة. وتصبح هذه العمليات أكثر أهمية على ضوء الصعوبات في توظيف القوى العاملة التكنولوجية والحفاظ عليها. إنّ تأثيرات الكورونا على عالم التشغيل والتغيرات بين الأجيال والتقدم التكنولوجي تخلق تحديًا كبيرًا يتطلب تفكيرًا مختلفًا وصياغة أدوات وحلول مختلفة. في هذا السياق، نرى أهمية الاستعانة بمصادر خارجية والاستفادة منها، واستثمار موارد التطوير القيمة في الأماكن التي تمنح البنك قيمة مضافة وميزة تنافسية.
يخلق التقدم التكنولوجي فرصًا للمؤسّسات المالية لإعادة التفكير والتجديد والتحدي فيما يتعلق بالطريقة التي يتم بها تنفيذ العمليات التجارية والعمليات التشغيلية وإعادة تعريفها من خلال استخدام التقنيات المتقدمة، من بينها، الروبوتات. وبالتالي تحسين الأداء، وتقليص المخاطر وتحسين النجاعة التشغيليّة، وكل ذلك بهدف تقديم خدمة أفضل للزبائن.
التكنولوجيا هي التي تخلق التغيير، لكن المعلومات هي ما يحرّك التكنولوجيا. يتيح عالم البيانات للنظام المصرفي المالي معرفة جمهور الزبائن بشكل أفضل من أجل تصميم وملاءمة معروض الخدمات والمنتجات. يتيح عالم المعلومات وجود نماذج وقدرات متقدمة تعتمد على التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والبيانات الضخمة والتحليلات واستخداماتها الكثيرة.
دعونا لا ننسى التحدي الكبير الذي يرافق "كنز المعلومات" ومعالجتها عند استخدام المعلومات بشكل صحيح. قضايا مثل الاستخدامات المسموح بها للمعلومات، وحماية الخصوصية ، وغياب التمييز ومنعه، وأمن المعلومات، وليس أقل أهميّة من ذلك، معرفة المعلومات من قبل الزبون. يقول البعض إن العملة الرئيسية ليست الشيكل أو الدولار أو العملة المشفرة، بل المعلومات.
إن تحديات المعلومات ، فضلاً عن التحديات الأخرى التي تم ذكرها وسوف يتم ذكرها هنا اليوم ، لا تخصّنا وحدنا. هذه قضايا مركّبة وتحديات تواجه العديد من الهيئات الناشطة في الأسواق المختلفة. لكن هذه المشاكل والتحديات التي تخص الكثيرين لا يرافقها أي عزاء. يجب علينا مواصلة العمل على مهاجمة هذه التحديات وتسخير قوة المعلومات لصالحنا. وعندما أقول "علينا" لا أستثني الهيئة التنظيميّة من ذلك. من المؤكد أن المعالجة والتنظيم في هذا الموضوع يحظيان باهتمام كبير من أجل دراسة كيفية إتاحة تقديم الخدمات المصرفية جنبًا إلى جنب مع تطور المهن المسموحة والخدمات المرافقة.
بالتوازي مع البيئة التنافسية المتطورة والمكانة المركزية للتكنولوجيا والمعلومات في حياتنا، يجب أن ننظر إلى التغيرات في الرأي العام وأذواق الجمهور.
لطالما توقع زبائن النظام المصرفي وطالبوا بالثقة والإنصاف كشرط أساسي ولكن يبدو أن مستوى الثقة والإنصاف المطلوب آخذ في الازدياد. يتوقع الزبائن أعلى المعايير، كتلك التي يتم تقديمها أحيانًا في المنتجات والخدمات الأخرى. يجب أن يشكل ذلك أساس عرض القيمة الذي تقدمه البنوك والمؤسسات المالية لزبائنها.
تصبح أهمية رؤية الزبون في المركز أكثر جزمًا على ضوء ارتفاع متوسط العمر، والجوانب الاجتماعية والإثنيّة المختلفة، كل هذا إلى جانب نطاق خدمات ومنتجات يتسع أكثر فأكثر. ساهم تعزيز الخدمات الرقمية التي يقدمها النظام المصرفي لزبائنه بشكل كبير في زيادة رفاه المستهلك وتحسين تجربة الخدمة للمستهلك المصرفي.
يخلق النشاط الرقمي والكفاءة التشغيلية توترًا بنيويًّا مقابل انتشار وتوافر مجموعة الفروع والخدمات التقليديّة، ما ينعكس بشكل أساسي في أوساط مجموعات سكانيّة مختلفة. هذا يتطلب منا جميعًا الانتباه والحساسية وأحيانًا حتى التعاطف. نعم - التعاطف.
يتوافق هذا الموضوع مع دور وتحديات النظام المصرفي في النسيج الاجتماعي والاقتصادي وأهميته في كونه عاملاً مؤثراً. يجب أن يكون التأثير من منطلق المنظور القيمي وتبنّي مثل هذه الثقافة. يكمن في هذا المفهوم بعد أوسع بكثير من النشاط الهامشي أو الربحية اللحظية. تكمن فيه نوع من الرؤية، وتصور طويل الأمد، يتطلب الاستثمار ويخلق تأثيرًا عميقًا وحقيقيًا على المجتمعات التي ننشط فيها.
هذا المفهوم لديه القدرة على تمييز النظام المصرفي عن البيئة التنافسية المتطوّرة، واستغلال الاضطراب لتقوية العلاقة مع الزبائن والمجتمع ككل مع تعزيز الولاء والثقة.
تتزايد التوقعات الاجتماعية من البنوك وتتوسع لتشمل مواضيع تحظى بمكانة مركزية وأهمية قصوى، بما في ذلك المطالبة بالمشاركة وأخذ مسؤولية اجتماعية ضخمة، وتعزيز قيم المساواة والحفاظ عليها، والشمول المالي لجميع السكان والتفكير في القضايا ذات الأهمية القصوى لمستقبل المجتمع و مستقبل الكرة الأرضيّة التي نعيش عليها ومعالجتها. صحيح أنّ النظام المصرفي لا يجب أن يقود بعض هذه الأنشطة، لكن لا يمكنه البقاء جانبًا، وتقع علينا مسؤولية الدعم والمساعدة في معالجة هذه القضايا.
إلى جانب ذلك، لا يمكن تجاهل عالم التنظيم الذي يؤثر ويتأثر بهذه التغييرات وبمكونات وتحديات الاضطراب. لقد واجه الهيئات التنظيميّة المختلفة تحديًا كبيرًا، بمواكبة التغييرات التي تؤثر على الصناعة التي تشرف عليها. ازداد التعقيد، وازدادت المخاطر، وهناك حاجة حقيقية لتحديث وتعزيز الأدوات التكنولوجيّة والقدرات والموارد وسيرورات العمل والمعرفة المهنية والبنى التحتية المختلفة بما في ذلك البنية التحتية القانونية من أجل تمكين ودعم التغيير في السوق نفسه .
دور الهيئة التنظيميّة بنظرة مستقبليّة هو مليء بالتحدي بالتأكيد. وانا أرى أهمية كبيرة في تنفيذ العمليات اللازمة منذ اليوم حتى تتمكن الهيئة التنظيميّة المستقبلية أيضًا من الرقابة بشكل ناجع، والمبادرة والتمكين والقيادة. وقد تم التعبير عن ذلك بشكل مباشر في الرؤية التي حددناها للرقابة على البنوك: "أن تكون رقابة رائدة ومهنيّة ومبادرة لصالح الجمهور والجهاز الاقتصادي".
إلى جانب الرؤية، وضعنا أهدافًا ومهامًا تهدف إلى المساعدة في تحقيقها. أدعوكم لمواصلة العمل والتحدي لتحقيق هذه الرؤية. هذا هو المكان المناسب أيضًا لشكر موظفي ومديري الرقابة على البنوك على عملهم المتفاني. عندما بدأت وظيفتي منذ حوالي عام ونصف، في ذروة وباء عالمي غير مسبوق، وجدت إلى جانبي مجموعة مهنيّة تعمل بإصرار في فترة غير سهلة من دافع الإحساس بالمبالاة وأداء رسالة سامية. إلى جانب هذا الدعم، هذه أيضًا فرصة لشكر جميع الجهات المهنية في بنك إسرائيل التي ترافق وتدعم نشاط الرقابة.
من المهم ذكر مقولة تبدو بديهية ولكن من الصعب لمن هم ليسوا في مكاني فهم مدى قوتها ودرجة تأثيرها، "الغريب لن يفهم هذا".
نحن لا نعمل في فراغ.
إن تعزيز البيئة التنافسية وتفريغ الخدمات والمنتجات القائمة والمتطورة في هذا السياق، يؤثر بشكل مباشر على تعقيد التحدي التنظيمي الناتج عن ذلك، وعلى هيكل ومسؤولية الهيئات التنظيمية المختلفة. كما أنّ القوانين الجديدة ونشاط السلطة التشريعية تساهم أحيانًا في زيادة هذا التعقيد. سأتطرّق في هذا السياق إلى لجنة فحص هيكل التنظيم المالي، والتي تم الإعلان عن إنشائها مؤخرًا، وستتضح توصياتها وتبعات هذه التوصيات عند إنهاء عملها. في نفس المساحة التي نعمل فيها، من واجبنا ومسؤوليتنا العمل بشكل مهني وموضوعي ومحترم. وتجاهل الاعتبارات المتعلقة بالفخر والمكانة والأنا والاعتزاز، وعمل ما هو مطلوب حتى تتمتع الأسواق التي نتحمل مسؤوليتها بالاستقرار والازدهار وتؤدي دورها المناسب في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للجهاز الاقتصادي الإسرائيلي.
وذلك حتى نتمكن جميعًا من العيش في مجتمع أفضل وأكثر عدلاً ومساواة. هذا هو الهدف الذي وضعته لنفسي ولنا جميعًا.
في الختام، عالم المحتوى المهني الذي يخصّنا جميعًا يتغير أمام أعيننا بوتيرة سريعة. نحن في ذروة اضطراب كبير. قرأت مؤخرًا مقالًا مهنيًّا تحدث عن ثورة المخاطر وتأثير البيانات الضخمة على كيفية إدارة المخاطر. يمكن شرح ثورة عالم المخاطر بإيجاز من خلال مصطلح :VUCA , Uncertainty, Complexity, Ambiguity (التقلب، عدم اليقين، التعقيد، الغموض).
إن إمكانية عدم الاستجابة لهذه التغييرات وعدم ملاءمة أنفسنا ليست إمكانية واردة. هذا هو دورنا. نحن نتحمل المسؤولية.
وبمنظور شخصي، أنا من أشد المؤمنين بشعار "من يسير ببطء، يصل في الوقت الصحيح". إلى جانب ذلك، فإن الحكمة هي عدم التوقف عن المشي أبدًا. وفي الوقت الحاضر، عند النظر إلى الإيقاعات، يجب تسريع السير وأكثر من ذلك، مواصلة المثابرة من أجل التغلب على التحديات بنجاح.
أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر المتحدثين والمشاركين في حلقة النقاش وكل من تحمل عناء المساعدة في تنظيم المؤتمر، وبالطبع أشكركم أنتم على مشاركتكم اليوم.
نحن في بداية عيد الأنوار، أغتنم هذه الفرصة لأتمنى لنا جميعًا عيد أنوار سعيد، والصحة ويوم ممتع ومثمر.
شكرًا