تحدث محافظ بنك إسرائيل، بروفيسور أمير يارون، صباح اليوم في المؤتمر السنوي لقسم الأبحاث. فيما يلي النص الكامل لكلمة المحافظ:
تحية للجميع،
يسعدني أن أفتتح مؤتمر قسم الأبحاث الذي يتناول هذا العام موضوعًا اقتصاديًا مهمًا للغاية، وهو رأس المال البشري وسوق العمل.
سأشير في كلمتي بإيجاز إلى مفهوم رأس المال البشري ومصادره في الأدبيات الاقتصادية، ثم سأتحدث عن الفوائد الكامنة في تنمية وتحسين رأس المال البشري، وسأصف بإيجاز الوضع في إسرائيل وما الذي يتوجب القيام به في هذا السياق. وأخيرًا، أود أن أقول بضع كلمات تكريمًا لمدير قسم الأبحاث الذي سينهي عمله هذا الشهر، البروفيسور ميشيل سترابتشنسكي.
كما يبدو فإن أول اقتصادي استخدم مصطلح "رأس المال البشري" كان "إيرفينغ فيشر" خلال ستينيات القرن الماضي. لكن "آدم سميث" في الواقع عرّف منذ القرن الثامن عشر أحد الأنواع المختلفة لرأس المال في الاقتصاد على النحو التالي:
"The acquired and useful abilities of all the inhabitants or members of the society"
وهو بترجمة مبسطة، المهارات التي يتم اكتسابها والتي تفيد جميع فئات المجتمع.
شكّل هذا الوصف الموجز الأساس لتعريف مفهوم رأس المال البشري كما نعرفه اليوم – وهو رأس المال الذي يمثل المعرفة والمهارات الشخصية والقدرات والخبرات والذكاء والمواهب التي يمتلكها الأفراد، والتي تمكنهم من أداء عمل ينتج قيمة اقتصادية ويحقق جودة حياة عالية.
اليوم، أصبح مفهوم رأس المال البشري أوسع وأكثر ثراءً، وهو لا يعبّر فقط عن المعرفة التقنية أو سنوات التعليم، ولكنه يعبر أيضًا عن المهارات والخصائص "المرنة"، على سبيل المثال: القدرة على حل المشكلات بطريقة إبداعية، والعمل الجماعي، والصحة الجسدية والنفسية، وغير ذلك.
على مر السنين، نمت مكانة رأس المال البشري في الأدبيات الاقتصادية. "جاري بيكر" والعديد من المفكرين والمتخصصين الآخرين فكروا وبحثوا ووصفوا بشكل واقعي كيف تؤثر الزيادة في رأس المال البشري على الاقتصاد بأكمله. وذلك في مجموعة كبيرة من المؤلفات، وأود أن أوضح بشكل مختصر جداً أهمية هذا المفهوم.
أولاً، يعد رأس المال البشري أحد أهم العوامل المؤثرة في النمو الاقتصادي، حيث أن لمهارة العمال تأثير مباشر على عوائد الإنتاج، وبالتالي على نمو الناتج المحلي أيضاً. ونظرًا لعدم وجود وسائل قياس مباشرة لرأس المال البشري، فإن إحدى طرق قياسه بشكل غير مباشر هي من خلال سنوات التعليم الرسمي واختبارات المهارات المختلفة. أظهرت الدراسات الحديثة التي أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن إضافة سنة دراسية واحدة يمكنه أن يزيد من إجمالي الإنتاجية في الدولة بنحو 6 نقاط مئوية. يمتد هذا التأثير أيضًا ليشمل العمال المنتجين: إذ أشارت دراسات أخرى إلى أن العائد في الراتب، أي الزيادة الهامشية في الدخل لكل سنة إضافية من الدراسة أو التأهيل المهني، يبلغ نحو 8-10 بالمائة بالمعدل.
ثانيًا، يمكن لتنمية رأس المال البشري أن تساهم بشكل كبير في الحد من عدم المساواة. هناك أدلة تجريبية قوية تدعم الادعاء بأن العائد على الاستثمار في رأس المال البشري في وقت مبكر من الحياة مرتفع بشكل ملحوظ، ويؤثر على قدرة الطفل في اكتساب المعرفة والمهارات في سن متأخرة، وفي العمل في مهن أكثر ربحية.
صاغ "يورام بن بورات"، الذي شغل من بين مناصب أخرى – منصب رئيس الجامعة العبرية في القدس، أحد أهم النماذج في اقتصاديات العمل، والذي يجسد بشكل رسمي تراكم رأس المال البشري. كانت إحدى الأفكار المستمدة من النموذج، والذي تم تنقيحه منذ ذلك الحين، أن تراكم رأس المال البشري في مرحلة مبكرة له تأثير كبير على مستوى المعيشة في وقت لاحق.
إحدى الدراسات التي أجريتها كانت مخصصة لهذا الموضوع أيضاً، واستندت إلى حد ما إلى نموذج "بن بورات"، والذي أظهرت فيه من بين أمور أخرى، أن رأس المال البشري المتراكم قبل سن العشرين يؤثر على جودة الحياة بشكل واضح جداً. يُظهر التحليل أنه بالمقارنة مع عدم التجانس في الثروة المالية وقدرات التعلم بين الأفراد المختلفين، فإن التباين في رأس المال البشري حتى سن العشرين هو الأكثر تأثيرًا على نمط حياة الفرد في سن متأخرة.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الأدبيات الاقتصادية الحديثة أن الاستثمار في سن مبكرة له أيضًا العديد من الآثار الخارجية التي تعمل على تحسين المستوى المعيشي لجميع السكان، منها على سبيل المثال في مجال الصحة.
ينعكس تقلص عدم المساواة نتيجة لتحسين رأس المال البشري لدى جميع فئات السكان في الحراك الاجتماعي أيضاً. نحن نعلم أن الوضع الاقتصادي للوحدة الأسرية يتنبأ إلى حد كبير بالوضع الاقتصادي للأطفال الذين سينشأون فيها. إن إحدى طرق "الخروج" من هذه الدائرة هو بالاستثمار العام في تحسين رأس المال البشري للأطفال، والذي يتمثل في هذه الأعمار بالحصول على تعليم أعلى جودة وإكسابهم المهارات التي يحتاجونها. الاستثمار في رأس المال البشري له تأثير إيجابي على الأجور والمهارات ومستوى المعيشة، وبالتالي على قدرة الأسرة أو الفرد الذي ينحدر من خلفية متدنية أيضًا على تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي زيادة تكافؤ الفرص في المجتمع.
لخص "جيمس هاكمان"، الحائز على جائزة نوبل لعمله في مجال رأس المال البشري، الأمر على النحو التالي:
"Investing in disadvantaged young children is a rare public policy initiative that promotes fairness and social justice and at the same time promotes productivity in the economy and in society at large".
سأشير الآن باختصار، وستسمعون الكثير عن هذا خلال المؤتمر - إلى رأس المال البشري في إسرائيل وما يجب القيام به من أجل تنميته.
أشار بنك إسرائيل عدة مرات في الماضي إلى أن إسرائيل تعاني من فجوة إنتاجية مقارنة بالدول المتقدمة ناجمة بشكل أساسي عن انخفاض رأس المال البشري والاستثمارات غير الكافية في البنية التحتية. على الرغم من أن نسبة المتعلمين في إسرائيل هي من أعلى النسب في الدول المتقدمة، إلا أن إنجازات الطلاب في نظام التعليم منخفضة مقارنة ببقية العالم، ومستوى المهارات الأساسية للعاملين في الجهاز الاقتصادي أيضًا أقل من معدلها في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
تبدأ فجوة المهارات في سن مبكرة، لذلك يجب أن يبدأ علاج المشكلة في سن مبكرة لمنع استمرار الفجوة وتوسعها في سن متأخرة. في تقرير الإنتاجية، وفي وثائق أخرى قدمها بنك إسرائيل إلى الحكومة، قدمنا مجموعة من التوصيات بخصوص تحسين نظام التعليم، والذي له دور مركزي في معالجة وتحسين رأس المال البشري لدى جيل الشباب.
تناولت إحدى توصياتنا الرئيسية مسألة التعليم في سن الطفولة المبكرة. يسمح قانون التعليم المجاني من سن 3 للغالبية العظمى من الأطفال اليوم بالاندماج في أطر تعليمية، كما يتم اتخاذ إجراءات مختلفة لتعزيز جودة التعليم والرعاية في مراكز الرعاية النهارية. كما ذكرت، بما أن هذه السنوات هي الأهم في اكتساب المعرفة والمهارات بشكل فعال، فمن المهم الاستمرار في دعم هذه البرامج.
على الرغم من هذا، فإن الإنفاق على الأطر المخصصة للأطفال الصغار حتى سن الثانية في إسرائيل منخفض بشكل ملحوظ مقارنة بالدول الأخرى. على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المسؤولة في هذا المجال، فإن انخفاض الإنفاق يحد بشكل كبير من إمكانية تقديم خدمة تعليمية عالية الجودة للأطفال في هذه الأطر.
على ضوء ذلك، أوصينا في الماضي بالنظر في توسيع تمويل أطر التعليم لأعمار أقل أيضًا. في الوقت ذاته، تُظهر الأدبيات الاقتصادية أن تأثير أطر التعليم في مراحل الطفولة المبكرة أكثر وضوحاً بين الفئات السكانية الضعيفة بشكل أساسي، وبالتالي عند التفكير بمصطلحات "التكلفة والعائد"، فمن المهم تركيز أنشطة الحكومة في مجال الطفولة المبكرة على الطبقات الضعيفة اجتماعياً واقتصادياً، وربط ذلك بالاستفادة من طاقات العمل المتولدة وتجنب تقديم الإعانات بشكل جارف.
من أجل تنمية رأس المال البشري في إسرائيل، أكدنا عدة مرات في الماضي على ضرورة تحسين جودة التعليم في إسرائيل. من الضروري تأسيس بنية تحتية لتقييم المعلمين بشكل فعال بناءً على نجاحهم في تحسين الدرجات والمهارات لدى الطلاب، وعلى نجاحهم في النهوض بالأهداف التعليمية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نتأكد من أن جيل المستقبل في سوق العمل الإسرائيلي، الموجود بيننا بالفعل ويخطو خطواته الأولى في المدارس في جميع أنحاء إسرائيل، سيحصل خلال دراسته في هذه السنوات المهمة على الأدوات التعليمية والمهارات الأساسية المطلوبة للنجاح في سوق العمل. هذا الأمر له أهمية كبيرة، كي يتمكنوا من قيادة الاقتصاد الإسرائيلي نحو النمو والازدهار المستمر.
كما أسلفت، فقد صاغ بنك إسرائيل عددًا كبيرًا من التوصيات لتنمية رأس المال البشري، وما زلنا نعمل بنشاط لتقديم توصيات محدثة إلى الحكومة القادمة.
قبل أن أنهي حديثي، أود أن أقول بضع كلمات انطلاقاً من رؤيتي للمستقبل، حيث سيخلق التطور التكنولوجي تحديات في العديد من المجالات، وقد تتغير أيضًا الطريقة التي نفكر بها في رأس المال البشري.
فمثلاً، يمكن أن يؤثر تطور الذكاء الاصطناعي (AI) على طريقة تفكيرنا في رأس المال البشري بعدة طرق. من أهم الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الذكاء الاصطناعي على رأس المال البشري هي أتمتة بعض المهام والعمليات التي يقوم بها البشر حاليًا. قد يؤدي هذا إلى تغيير في أنواع المهارات التي سنحتاجها للأيدي العاملة، وكذلك تغييرات في أنواع الوظائف المتاحة.
في الوقت ذاته، قد يؤدي تطوير الذكاء الاصطناعي إلى خلق فرص عمل جديدة للأشخاص الماهرين في تطوير وبرمجة وإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي. يمكن أن يؤدي ذلك أيضًا إلى تطوير صناعات جديدة تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي. في النهاية، سيعتمد تأثير الذكاء الاصطناعي على رأس المال البشري على كيفية تطبيقه واستخداماته، فضلاً عن السياسات والمبادرات الموضوعة لدعم الانتقال إلى قوة عاملة أكثر آلية. من المهم أن تظل المجتمعات والمنظمات على اطلاع دائم بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وأن تكون سباقة في التكيّف مع التغيرات المحتملة في سوق العمل.
كيف أعرف بأنني لست مخطئًا تمامًا هنا؟ كُتبت كلتا الفقرتين الأخيرتين اللتين قرأتهما بالكامل بواسطة أداة الذكاء الاصطناعي "CHAT-GPT" التي تم إطلاقها الشهر الماضي.
يوضح هذا العرض البسيط بشكل لا لبس فيه أن تنمية رأس المال البشري وتحسينه المستمر وابقائه في طليعة التكنولوجيا له أهمية قصوى. بالمناسبة، لن يتم تحدي العمال والصناعة فقط من خلال التقنيات المتقدمة؛ ولكن عالم الأبحاث أيضاً. فمثلاً، أحد الموضوعات التي شغلت الأدب في السنوات الأخيرة هو أي العمال سيتم استبدالهم بسبب التقدم التكنولوجي. في الماضي، كان من الشائع الاعتقاد بأنهم سيكونون العمال الأقل إنتاجية. في السنوات الأخيرة، كانت هناك الكثير من الأبحاث حول هذا الموضوع. على سبيل المثال، يوضح باحث رائد يدعى "درون أجموغلو" أنه في ظل ظروف معينة، سيكون هؤلاء العمال من مركز تصنيف الإنتاجية. لقد تناولت هذا الموضوع بالتفصيل في المحاضرة التي ألقيتها في الجمعية الاقتصادية الإسرائيلية قبل عام ونصف، ويبدو أن الأمور أصبحت أقرب للواقع. وهذا مجرد مثال واحد على التحديات التي تواجهنا كباحثين واقتصاديين وواضعي سياسات.
في الختام، أود الانتقال إلى موضوع مختلف وشخصي ومثير للمشاعر: ينهي مدير قسم الأبحاث البروفيسور ميشيل سترابتشنسكي هذا الشهر عمله كمدير لقسم الأبحاث في بنك إسرائيل، وهذه فرصة لتعريف الحاضرين بهذا الرجل.
يمتلك ميشيل سيرة أكاديمية مرموقة. فهو حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والمحاسبة من جامعة أوروغواي، وحصل على درجة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من الجامعة العبرية، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة MIT. على مر السنين، وإلى جانب عمله في بنك إسرائيل، درّس ميشيل في مؤسسات أكاديمية مختلفة بما في ذلك: الجامعة العبرية، جامعة تل أبيب، جامعة بن غوريون وجامعة رايخمان، بالإضافة إلى ذلك، فهو عضو في قسم الاقتصاد وكلية السياسة العامة في الجامعة العبرية، ومحرر مشارك في مجلة Israel Economic Review منذ إنشائها.
نشر ميشيل عشرات المقالات في مجلات رائدة في العالم أيضاً، والتي تم عرضها في جامعات وبنوك مركزية مختلفة في العالم. تناولت أعماله قضايا الاقتصاد الكلي والسياسة المالية، وخاصة سياسات الضرائب المثلى، ودورية عائدات السياسات والضرائب والقواعد المالية، مع التركيز بشكل خاص على تحليل ودراسة الاقتصاد الإسرائيلي. حصل ميشيل على العديد من الجوائز لمساهمته في البحث الاقتصادي في إسرائيل، من بينها جائزة "جعتون" من معهد البحوث الاقتصادية في إسرائيل، على عمله مع "مومي دهان"، والذي تناول العلاقة بين ميزانية القطاع العام والنمو الاقتصادي في إسرائيل.
إرتقى ميشيل بقسم الأبحاث، وشغل مناصب مختلفة على مرّ الوقت: بدأ حياته المهنية في بنك إسرائيل عام 1993 كخبير اقتصادي ورئيس لقطاع العقارات والقطاع العام. ثم تقدم بعد ذلك إلى مناصب إدارية كنائب مدير قسم الأبحاث ومدير قسم الاقتصاد الكلي في قسم الأبحاث. منذ عام 2017، يدير ميشيل قسم الأبحاث، وشغل على مدار العامين الماضيين أيضًا منصب عضو في اللجنة النقدية لبنك إسرائيل.
مساهمات ميشيل في الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات التي كان فيها جزءًا من قسم الأبحاث بشكل عام، وفي السنوات الخمس الماضية كمدير للقسم على وجه الخصوص، كبيرة ومهمة ويصعب حصرها. خلال السنوات التي تفشى فيها وباء الكورونا توجب علينا إجراء توسعات نقدية للحفاظ على استقرار النظام الاقتصادي، والغزو الروسي لأوكرانيا الذي أدى إلى أزمة طاقة عالمية ونزوح العديد من اللاجئين، والتعامل مع مخاطر أزمة المناخ، وعدم الاستقرار السياسي وارتفاع التضخم في إسرائيل والعالم في الأشهر الأخيرة. هذه كلها أمثلة توضح الواقع المعقد الذي توجب علينا أن نعمل فيه من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في النظام الاقتصادي الإسرائيلي.
بصفته مديرًا للقسم، قاد ميشيل إعداد واحد من أكثر التقارير المقدمة إلى الحكومة شمولاً، والذي تضمن توصيات لإجراءات سياسية لرفع مستوى الإنتاجية في الجهاز الاقتصادي على المدى الطويل. بالنسبة لي، فإن التزام ميشيل تجاه القسم والبنك خلال هذه الفترة، ورغبته في إطلاق مبادرات جديدة في مختلف المجالات من خلال البحث الجيد على مر السنين، هي أمور ملهمة وتستحق منا كل تقدير.
في إطار عمله في بنك إسرائيل، قاد ميشيل العديد من القضايا المتعلقة بالسياسة النقدية والاستشارات الاقتصادية للحكومة، كما عمل على تعميق علاقات العمل بين بنك إسرائيل والأقسام البحثية في البنوك المركزية الأخرى وهيئات مختلفة أخرى في إسرائيل والعالم، من بينها - إدارة المجموعة الاقتصادية لضم إسرائيل إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ومجموعة البحث الوزارية لبرنامج منح العمل، وطواقم مختلفة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، مثّل ميشيل البنك في العديد من اللجان وشغل منصب الرئيس المشارك للجنة التنفيذية لزيادة المنافسة. وبالطبع إضافة إلى طواقم العمل المحددة، جاءت جميع التوصيات ومراجعات الإصلاحات التي طرحتها الحكومات الجديدة، والتي شهدنا العديد منها خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لعمل بحثي متعمق وعالي الجودة قام به موظفو قسم البحوث تحت إدارة ميشيل.
في رأيي، ما يميز عمل ميشيل هو مشاركته العملية في تعزيز السياسة العامة وقدرته على ترجمة رؤى النماذج الاقتصادية المعقدة إلى أرض الواقع. حقيقة أنه كان رئيس برنامج "متدربون لإشغال مناصب عامة في الدولة" ورئيس برنامج الاقتصاد والمجتمع في معهد فان لير في القدس يشهد بوضوح على هذه القدرات – حيث دمج بين الاقتصاد والتعليم الأكاديمي والرؤية الاجتماعية والتربوية.
خلال العامين الماضيين، قاد ميشيل فريق الإستراتيجيات في إعادة تقييم هدف التضخم في إسرائيل. وقد كان العنوان الأبرز ضمن نشاطاته هو مبادرته وتطويره وتحريره لكتاب شامل شاركت فيه أيضًا - يتضمن مقالات بحثية، أعدت معظمها في القسم، يستعرض الجوانب المختلفة لبيئة التضخم والسياسة النقدية خلال العقود الأخيرة. يشكل هذا الكتاب، إلى جانب مؤتمرين مهنيين، والعديد من الأعمال التي أنجزها قسم الأبحاث، أساساً مهنياً واسعاً وشاملاً لعملية تقييم هدف التضخم.
ميشيل، لقد تميزت لقاءاتنا دائماً سواءً في المنتديات المختلفة مثل اللجنة النقدية أو بشكل شخصي، بقدرتك من ناحية على عرض المواقف المهنية للقسم بدقة وتوصيلها بوضوح، وحرصك من ناحية أخرى على أن تكون مخلصًا لمبادئك المهنية وعرض مواقفك الشخصية بدقة. بتشبيه من عالم كرة القدم، لقد كنت مزيجاً من لاعب منتخب يلعب ضمن الفريق ولاعب موهوب مدرك لقدراته الاحترافية.
ميشيل، أود أن أشكرك على الفترة المتميزة التي قضيتها في بنك إسرائيل. لقد انعكست معرفتك الاقتصادية الواسعة، وخبرتك في مجال السياسة العامة، على الطريقة التي قدت بها قسم الأبحاث، وكانت مكسباً لبنك إسرائيل. لقد قمت بالكثير، وأعتقد أنه عند عودتك إلى التعليم الأكاديمي ستجد أيضاً طريقة لتقدم من خبرتك الغنية التي اكتسبتها في البنك لمصلحة الاقتصاد والسياسة العامة الإسرائيلية، وأتمنى لك الكثير من النجاح في المستقبل.
أريد أن أنهي كلمتي بتوجيه الشكر لمنظمي المؤتمر، وأتمنى للجميع مؤتمرًا مثمرًا ومفيداً - وأنا متأكد من أنه سيكون ممتعًا للغاية.
شكرًا لكم