كلمة المحافظ في المؤتمر الصحفي حول نشر التقرير النهائي للفريق الوزاري المشترك الخاص بدراسة سبل تعزيز المنافسة في النظام المصرفي لقطاع التجزئة، والذي تضمن توصيات تُسهّل على الجهات غير المصرفية الحصول على ترخيص مؤسسة مصرفية.

شارك محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، في المؤتمر الصحفي الذي عُقد اليوم في وزارة المالية. وفيما يلي أبرز ما جاء في كلمته:

وزير المالية، رؤساء اللجنة، وأعضاء اللجنة المحترمين،

في بداية كلمتي، أود أن أشكر أعضاء الفريق على جهودهم الكبيرة في تعزيز المنافسة في قطاع التجزئة في النظام المصرفي. أود أن أستبق الأمور بالإشارة إلى أنه تم بذل جهود كبيرة ومعمقة لوضع مخططات تساعد على تحول مؤسسات أخرى إلى بنوك، مما سيعزز المنافسة والخدمة ورفاهية الزبائن، مع إيجاد التوازن المناسب لمنع تضارب المصالح المحتمل والحفاظ على استقرار النظام المالي.

تؤثر المنافسة في النظام المالي بشكل مباشر على جميع الأسر والمصالح التجارية في إسرائيل. على المستوى الكلي، سيكون لتعزيز المنافسة في النظام المالي تأثير إيجابي على النشاط في النظام الاقتصادي، وسيساهم في نموه وازدهاره.

في السنوات الأخيرة، عمل بنك إسرائيل بالتعاون مع وزارة المالية والهيئات التنظيمية المالية، على تعزيز المنافسة في النظام المصرفي. وقد أثمرت بعض هذه الإجراءات بالفعل، فيما من المتوقع أن تنضج إجراءات أخرى في السنوات القادمة. مع ذلك، لا شك في ضرورة مواصلة التقدم في هذا المسار.

إن أفضل طريقة لتعزيز المنافسة في النظام المالي هي إزالة العوائق التي تمنع جهات فاعلة جديدة من دخول النظام المالي، والتي تمنع الجهات الفاعلة الحالية من تطوير مجالات نشاط جديدة. في هذا السياق، أود أن أشير إلى أنه بعد عقود من عدم افتتاح أي بنك جديد في إسرائيل، افتُتح في السنوات الأخيرة بنكان رقميان جديدان. وهو تطور جيد، لكننا نسعى جاهدين لتحقيق المزيد.

لتعزيز المنافسة في النظام المالي بشكل ملحوظ، لا بد من دخول بنوك جديدة أخرى. ستتمكن هذه البنوك من جمع الودائع من الجمهور كمصدر تمويل رخيص نسبياً، وتوفير الائتمان من هذه الودائع. بهذه الطريقة، ستتمكن من المنافسة بفعالية مع اللاعبين القدامى في السوق.

هناك نوعان من العوائق أمام دخول البنوك الجديدة:

أولاً، تسبب اللوائح التنظيمية المشددة المفروضة على البنوك تكاليف باهظة. تُشكل هذه التكاليف عائقاً أمام دخول المؤسسات الصغيرة نسبياً إلى السوق.

العائق الثاني هو "الدعم المالي" اللازم لمنافسة البنوك المُخضرمة في السوق. صحيح أن البنك قادر على جمع ودائع بأسعار معقولة نسبياً تُشكل مصدراً للائتمان. إلا أن هذا الجمع يستغرق وقتاً، وسيمر وقت طويل قبل أن يستحوذ البنك الجديد على حصة سوقية كافية. خلال هذه الفترة، يتوجب على البنك الحصول على "دعم مالي" ليتمكن من مواصلة العمل.

يتناول التقرير وتوصياته هذه الأفكار، ويستعرض عدداً من السبل لمعالجة هذين العائقين. يقدم المخطط الوارد في التقرير نهجاً متدرجاً ومتلاءماً يمنح البنوك الصغيرة مرونة أكبر من حيث نموذج العمل وهيكل الملكية.

قد يُسهم تحوّل مؤسسة غير مصرفية كبيرة إلى بنك صغير في زيادة المنافسة بفضل قاعدة زبائنه وخبرته السابقة في الاكتتاب وتوفير الائتمان، وسمعته المالية، ورأس ماله الكافي لتوفير الائتمان. والتي تشكل نقطة انطلاق ممتازة لنشاطه المصرفي.

أعتقد أن دخول جهة أو اثنتين من الجهات الفاعلة الرئيسية إلى النظام المصرفي يُعدّ إنجازاً هاماً لعمل الفريق. وبقدر ما تُفضي توصيات الفريق إلى هذه النتيجة، فسيعتبر ذلك نجاحاً باهراً.

تجدر الإشارة إلى أنه لضمان تحقيق الجهود المبذولة لزيادة المنافسة نتائج مثالية، يجب الاعتماد على عدد من المبادئ التوجيهية:

أولاً، يجب ضمان ألا تنطوي الخطوات المُتخذة لزيادة المنافسة على خطر تقويض استقرار النظام المالي في إسرائيل.

يُعدّ استقرار النظام المالي في إسرائيل إحدى نقاط القوة الاستراتيجية للنظام الاقتصادي الإسرائيلي، وهو ما مكّنه من الصمود في وجه أنواع مختلفة من الأزمات دون الوقوع في فخّ الجمع الإشكالي بين الأزمة الحقيقية والأزمة المالية.

في هذا السياق، أودّ أن أشيد بالرؤية الثاقبة التي يتضمنها التقرير، والتي مفادها أنه على الرغم من أن التوصيات تُتيح سُبُلاً لزيادة المنافسة بين جميع الهيئات المالية، وتغييراً مُعيّناً في هيكل الملكية بين مختلف الشركات في سوق الائتمان، إلا أن التقرير يُصرّ على مبدأ أن أي هيئة تجمع بين جمع الودائع ومنح الائتمان منها هو بنك، ويجب أن يخضع للرقابة المفروضة على البنوك الأخرى.

ثانياً، يتبنى التقرير منظوراً طويل المدى، ويتجنب الحلول قصيرة المدى التي قد تؤدي إلى عواقب سلبية على المدى البعيد. على وجه الخصوص، عادةً ما تُفضي خطوات التدخل في آليات السوق إلى نتائج دون المستوى الأمثل، وقد تنظر إليها الهيئات الدولية نظرة سلبية.

بتقديري، يشهد النظام المالي في إسرائيل ثورةً شاملةً وطفرةً هائلةً في السنوات القادمة. في السنوات الأخيرة، اتُّخذت خطواتٌ هامةٌ في النظام المالي والمصرفي، مثل فصل شركات بطاقات الائتمان، والخدمات المصرفية المفتوحة، وتطبيقات المقارنة بين الخدمات المصرفية، وEMV، وإصلاحات الرهن العقاري، وقاعدة بيانات التجزئة، والانتقال الفوري بين البنوك، وفتح أنظمة الدفع لشركات التكنولوجيا المالية، وغيرها. ونحن على أعتاب سلسلةٍ أخرى من الخطوات المهمة: التقرير وتوصياته، وتوريق الأصول المالية الذي سيسمح بتوسيع عرض الائتمان في النظام الاقتصادي وتنويع المخاطر بين مختلف الجهات الفاعلة؛ وتفعيل سوق الأوراق المالية من يوم الاثنين إلى الجمعة على غرار بقية العالم، مما سيسمح بجذب المستثمرين الأجانب وزيادة السيولة في سوق رأس المال المحلي؛ وسوق إعادة الشراء الذي سيسمح بترسيخ سوق النقد وتغيير سعر فائدة الـ shir بما يتماشى مع الاتجاه العالمي، ويسمح بسعر فائدة سوقي يومي موحّد وشفاف؛ وكذلك المدفوعات الفورية. إن تطبيق هذه المجموعة من التدابير المتعلقة بالبنية الأساسية سوف يستغرق بعض الوقت، ولكنه سوف يؤدي إلى تغيير حقيقي.

يواصل العالم المالي تقدمه بوتيرة متسارعة، فإضافة إلى عوالم ترميز الودائع في السجلات الموزعة (distributed ledger)، والمدفوعات المشروطة والذكية، والعملات المستقرة، والعملات الرقمية للبنوك المركزية، وغيرها. نحن ملتزمون بمواصلة الاستفادة من التقدم والابتكار لصالح النظام الاقتصادي، مع الحفاظ على الاستقرار والتغلب على المخاطر الكامنة فيه.

في الختام، أود أن أشكر أعضاء الفريق على التقرير وعلى تعاونهم المهني والموضوعي. أنا على ثقة بأن توصيات التقرير ستعزز المنافسة، وتعزز ثقة الجمهور، وتضمن نظاماً مالياً أكثر استقراراً ونزاهة وتقدماً.

 

شكراً جزيلاً