• بدأت كل من جوجل وأبل مؤخرً بنشر "تقارير التنقل" التي تعرض التغييرات في أنماط تنقل السكان. وبشكل خاص، مؤشرات التنقل الخاصّة بجوجل تشمل مؤشرات التنقل لأماكن العمل والأماكن التجارية والترفيهيّة، والتي يمكن أن تستخدم كمؤشرات سريعة لوضع سوق العمل والاستهلاك الشخصي.  
  • الخطوات الحكوميّة لمواجهة أزمة الكورونا في إسرائيل، بما في ذلك الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي تنعكس جيّدًا في مؤشرات التنقل هذه، وعلى الأخص الانخفاض الحاد في التنقل لأماكن العمل (نحو 70% في أدنى حد مقارنةً بالمستوى الذي كان قائمًا في الشهر الذي سبق الكورونا) ولأماكن التجارة والترفيه (نحو 80%). 
  • في النصف الثاني من شهر أبريل، على إثر التسهيلات التي أعلنت عنها الحكومة، طرأ تحسّن كبير في التنقل لأماكن العمل وبشكل أقل أيضًا في التنقل للأماكن التجارية، وتقلصت الفجوة مقارنةً بالشهر الذي سبق الأزمة لنحو 50% في مستوى التنقل لأماكن العمل و 70% في مستوى التنقل للأماكن التجارية. 
  • في الحد الأقصى، فانّ الانخفاض في مستوى التنقل لأماكن العمل والتجارة والترفيه خلال أزمة الكورونا في إسرائيل، يفوق الانخفاض الذي سجّل في غالبية دول ال -OECD. رغم ذلك، ابتداءً من منتصف شهر نيسان 2020، بدأت تتقلص الفجوة ما بين إسرائيل والمتوسط في دول OECD، ما يمكن أن يدل على أنّ الانتعاش الاقتصادي في إسرائيل هو أسرع مقارنةً ببقية الدول.
  • المعطيات التي يتضمنها هذا التحليل هي لغاية 2.5.2020. سيتم في الأيام القريبة جمع وتحليل المعطيات الإضافية بشأن نشاط الجهاز الاقتصادي ما بعد ذلك ونشرها قريبًا.

مؤشرات التنقل

أدى انتشار فيروس الكورونا وأبعاد الخطوات التي اتخذت لمواجهة الفيروس إلى أزمة اقتصادية وعدم يقين أعلى من المعتاد. يتابع بنك إسرائيل بشكل دائم التطورات الاقتصادية المختلفة في الجهاز الاقتصادي، ولهذا الغرض، تمّت صياغة مجموعة من المؤشرات السريعة في مختلف المجالات التي تساعد على اتخاذ القرارات السياسية في البنك وأداء وظيفته كمستشار اقتصادي للحكومة.

للحصول على صورة للوضع بشأن التطورات الأخيرة في النشاط الاقتصادي، نستعرض مؤشرات سريعة بوتيرة يوميّة لأنماط تنقل الجمهور مع التصنيف بحسب الأماكن مثل أماكن العمل، التجارة والترفيه، مراكز المواصلات العامة وغيرها، والتي تنشر بتأخير لبضع أيام فقط. تضاف هذه المؤشرات لمجموعة المؤشرات السريعة التي صاغها بنك إسرائيل، مثل معطيات بطاقات الائتمان، والتي يمكن أن تدل على التغييرات العامّة في التوجّه والمساهمة في صياغة تنبؤات ماكرو اقتصادية لقسم الأبحاث للربع الثاني من سنة 2020.[1]

 

 

 

في هذا السياق، قبل عدّة أسابيع، على إثر انتشار فيروس الكورونا، بدأت جوجل بنشر "تقرير تنقل الجمهور" والذي يعتمد على معطيات خرائط جوجل، من أجل فحص التغييرات في تنقل الجمهور لستة أنواع من الأماكن: العمل، التجارة والترفيه، حوانيت المنتجات الغذائية والصيدليات، مراكز المواصلات العامة، الحدائق العامة والسكن.[2] بالمقابل، بدأت شركة أبل بنشر "تقرير التوجهات في التنقل" الذي يعتمد على تطبيق تحديد وجهة السفر لشركة أبل ويصف التغييرات في الأسئلة المتعلقة بتحديد وجهة السفر من قبل مستخدمي أبل، مع التصنيف بحسب ثلاثة أنواع: السفر بالسيارة، المشي على الأقدام والسفر بالمواصلات العامة.[3] تشمل معطيات جوجل وأبل معلومات بشأن، غالبية الدول في العالم، وبالنسبة لقسم من الدول، بما في ذلك إسرائيل، فانّها تشمل أيضًا معلومات على مستوى المناطق والمدن الكبرى.

التغييرات في أنماط التنقل في إسرائيل

تصنيف معطيات التنقل من قبل جوجل لستة فئات من الأماكن، يعتبر ميزة لكونه يمكّن من فحص أبعاد معيّنة للنشاط الاقتصادي[4] في الوقت الحقيقي، وبشكل خاص معطيات التنقل لأماكن العمل التي تتيح فحص تأثير الأزمة والخطوات المتخذة على سوق العمل، بالمقابل، فانّ معطيات التنقل لأماكن التجارة والترفيه تتيح فحص وضع الاستهلاك الشخصي[5] بشكل جزئي.

يعرض الرسم البياني 1 مؤشرات التنقل الخاصّة بجوجل بالنسبة لإسرائيل مع التصنيف بحسب ست فئات من الأماكن. كل نقطة في الرسم البياني تمثّل معدّل التغيير المتحرك لسبعة أيام مقارنةً بالمستوى في فترة الأساس، ما قبل خطوات الإغلاق، ما بين 3 كانون الثاني و 6 شباط 2020.  المساحة المظللة في الرسم البياني تشير إلى فترة الإغلاق. وكما هو واضح في الرسم البياني، فانّ معطيات التنقل الخاصّة بجوجل تعكس جيّدًا رد فعل الجمهور في إسرائيل لانتشار فيروس الكورونا والخطوات الحكوميّة التي اتخذت في أعقاب انتشار الفيروس. في النقطة الأدنى، تقريبًا في منتصف شهر نيسان، طرأ انخفاض بنحو 60% في التنقل لأماكن العمل مقارنةً مع فترة الأساس. كما سجّل انخفاضًا أكثر حدّة يصل إلى نحو 80% في التنقل لأماكن التجارة والترفيه مثل المطاعم والمقاهي والمجمعات التجارية والسينما.[6] وسجّل انخفاض أيضًا في الزيارات للحدائق العامة ومحطات المواصلات العامة. بعد تسهيل التقييدات، كان هنالك انتعاشًا في التنقل لأماكن العمل، التجارة والترفيه، المواصلات العامة وحتى الحدائق العامة، مع أنّ مستواه في بداية شهر أيّار كان أقل بكثير من المستوى في فترة الأساس.

تشير مؤشرات التنقل الخاصّة بأبل (غير معروضة في هذه الورقة) إلى ظاهرة مشابهة، من خلال انخفاض كمية البحث عن تعليمات تحديد وجهة السفر (في السفر ومشيًا على الأقدام[7]) والذي بدأ ما قبل الإغلاق ووصل إلى النقطة الأدنى لنحو 70%، مقارنةً مع نقطة الأساس في 13 كانون الثاني 2020. ويلاحظ  مؤخرًا انتعاشًا في كمية البحث المرتبط بالعودة مجدّدًا إلى الروتين.

 

 

 

من الجدير بالذكر أنّ الانخفاض في مستوى التنقل في إسرائيل قد سبق فرض التقييدات على الحركة، وعكس على ما يبدو رد فعل الجمهور على انتشار الوباء، الذي قام بالتباعد الاجتماعي بشكل طوعي وقلل من الخروج للأماكن التجارية والترفيهية.[8] من الجهة الأخرى، قبل دخول الإغلاق إلى حيّز التنفيذ، طرأ ارتفاع في التنقل لأماكن السكن وشبكات التغذية والصيدليات للتزوّد بالاحتياجات قبل الإغلاق. وطرأ ارتفاع جديد على التنقل لشبكات التغذية والصيدليات قبيل منتصف شهر نيسان (الفصح)، وفي الفترة الأخيرة التي يشملها التقرير، انخفض المستوى بنحو 25% من مستوى الأساس، ما يعكس على ما يبدو تغييرات في السلوك الاستهلاكي لدى الجمهور، كالانتقال إلى المشتريات بواسطة الارساليات، الخروج للمشتريات بالسيارة مع عدد مقلّص من أفراد الأسرة، مساعدة المجموعات في دائرة الخطر في القيام بالمشتريات وغيرها.

إسرائيل مقابل دول ال-OECD

الانخفاض الذي تمّ استعراضه في الجزء السابق يتناسق مع ما كان متوقع حدوثه على ضوء الخطوات السياسية التي اتخذت. إضافةً إلى ذلك، يمكن تحليل المؤشرات والاستنتاج بناءً عليها بشأن القوّة النسبيّة للأزمة الصحية والخطوات التي اتخذت في إسرائيل مقابل الدول الأخرى-  هل تضرّر الاقتصاد في إسرائيل أكثر من الدول الأخرى؟ هل يعتبر الجمهور الإسرائيلي "ملتزم" أكثر من الجمهور في الدول الأخرى؟ هل الخطوات الحكومية في إسرائيل أكثر حزم أو مرونة مقارنةً بالعالم؟ لهذا الهدف، سنجري مقارنة دولية لمؤشرات التنقل لأماكن العمل وأماكن التجارة والترفيه.[9]

يستعرض الرسم البياني 2 مؤشر التنقل لأماكن العمل والتجارة والترفيه في إسرائيل، مقابل المتوسط في دول -OECD[10] بحيث أن توزيع القيم يظهر بمساعدة المساحات المظلّلة الخضراء، المساحة الأغمق تشير إلى النطاق بين النسب المئوية 10-90، في حين تشير المساحة الفاتحة قيم الحد الأقصى والأدنى في كل وقت. ويظهر من الرسم البياني أنّ الانخفاض في التنقل في إسرائيل خلال الأزمة، سواء لأماكن العمل أو أماكن التجارة والترفيه، هو أعلى مقارنةً بدول -OECD. رغم ذلك، يمكن رؤية انتعاش في مؤشرات التنقل في النصف الثاني من شهر نيسان، وبالذات التنقل لأماكن العمل، على إثر تسهيل التقييدات في إسرائيل، ما أدّى إلى تقليص الفجوة بين إسرائيل والمتوسط في دول -OECD.[11] هذا يمكن أن يدل على أنّ الانتعاش الاقتصادي في إسرائيل هو أسرع مقارنةً ببقية الدول.

 

ماذا يخبئ المستقبل؟

عدد من الدول، بما في ذلك إسرائيل، تتواجد هذه الأيام في نهاية المرحلة الأولى من "انحناء المنحنى" والانتقال لمرحلة "روتين الكورونا"، والذي يشمل العودة التدريجية للنشاط مع تقييدات تهدف إلى منع موجة ثانية من الوباء قدر الإمكان. لمحاولة تقدير كيف يمكن أن تكون المرحلة القادمة من حيث النشاط الاقتصادي، نقارن في هذا الجزء ما بين إسرائيل وقسم من الدول في شرق اسيا الموجودة في المرحلة الثانية بشكل عميق، والدول التي تبدأ في هذه الأيام تطبيق استراتيجية الخروج، إلى جانب السويد التي لم تتخذ خطوات إغلاق رسمية.

يعرض الرسم البياني 3 مؤشرات التنقل لأماكن العمل والتجارة والترفيه في عدد من الدول المختارة. يشير لون الخط في كل واحدة من الرسوم البيانية إلى التغيير اليومي في عدد المصابين بالعدوى (معدّل متحرك 7 أيام). كلما كان الخط فاتح اللون أكثر فانّ عدد المصابين أكبر. إحدى الاستنتاجات التي تظهر من الرسم البياني أيضًا في الفترة الأخيرة التي شملها التحليل، باستثناء كوريا الجنوبية وتايوان، أنّ أيًّا من الدول لم تعد لمستوى الأساس من التنقل لأماكن العمل. مع ذلك، من المهم التذكر أنّ فترة الأساس بالنسبة لكوريا الجنوبية وتايوان لا تعكس بالضرورة أوقات اعتيادية لأنّ هذه الدول كانت من بين الدول الأولى التي اتخذت خطوات التباعد الاجتماعي وفرض التقييدات. وتبرز في هذا السياق سنغافورا، التي تميّزت من حيث مواجهة الوباء، الا انها تعيش في هذه الأيام ارتفاع جديد في عدد المصابين الأمر الذي ترافق مع انخفاض كبير في التنقل.  

ظاهرة شبيهة، وحتى أكثر قوّة، حصلت في التنقل لأماكن التجارة والترفيه، كل الدول التي شملتها العينة، بما في ذلك كوريا الجنوبية وتايوان، تتواجد ما دون مستوى الأساس، مع وجود فوارق في حجم الفجوة. في تايوان الفجوة صغيرة نسبيًّا، مع وجود توجه نحو الارتفاع (أي ان الفجوة السلبية نسبةً لمستوى الأساس آخذة بالازدياد). في كوريا الجنوبية، الفجوة في التنقل لأماكن التجارة والترفيه لم تغلق بعد (أقل بنحو 10% من الأساس).

يظهر من الرسم البياني أنّ إسرائيل تشبه في خصائص التنقل الدول الغربية التي اتخذت خطوات الإغلاق والتباعد الاجتماعي كايطاليا وألمانيا والنمسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ولحقها جرّاء ذلك ضرر اقتصادي كبير. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى السويد، والتي سجلت انخفاضًا بنحو 20% في التنقل لأماكن العمل والتجارة والترفيه، رغم حقيقة أنّها لم تتخذ سياسة إغلاق حازمة كغالبية الدول الأخرى. وهذا دليل على التباعد الاجتماعي الطوعي للجمهور السويدي جرّاء التخوف من الوباء الذي يمس بالاقتصاد بشكل كبير حتى دون فرض تقييدات رسمية.


 



[1] رمز استرجاع التحليل الذي يظهر في هذه الورقة يظهر في https://github.com/itamarcaspi/mobility-reports-boi

[2] للتوسع حول مؤشرات التنقل الخاصة بجوجل أنظروا https://www.google.com/covid19/mobility/.

[3]  للتوسع حول مؤشرات التنقل الخاصة بأبل انظروا https://www.apple.com/covid19/mobility.

[4] معطيات جوجل في هذا التحليل تشمل المعطيات حتى 30 نيسان، ومعطيات أبل حتى 3 أيّار.

[5] بالمقابل، معطيات أبل مقلصة أكثر وتشمل فقط تفاصيل تتعلق بكمية الاستفسارات لتحديد الوجهة من قبل مستخدمي أبل، مصنّفة لثلاث فئات- السياقة، المشي والمواصلات العامة- علمًا أنّ الفئة الثالثة غير متوفرة في إسرائيل. 

[6] يمكن أن يكون جزء من الانخفاض الذي نراه في التنقل لأماكن العمل والتجارة والترفيه قد تقلص نتيجة ظواهر لا يمكن رؤيتها في الرسوم البيانية مثل العمل من البيت والمشتريات عبر الانترنت والارساليات.

[7] المعطيات بخصوص الفئة الثالثة لأبل "المواصلات العامة" غير قائمة في إسرائيل.

[8] مثلما سنرى لاحقًا، هذه الظاهرة لا تخص إسرائيل وحدها.

[9] بحسب جوجل، دقة تحديد المكان والتصنيف بحسب أماكن العمل والتجارة والترفيه ومراكز المواصلات العامة وغيرها، تختلف من دولة لدولة، لذا يجب توخي الحذر في مقارنة المعطيات بين الدول ذات الخصائص المختلفة (مثلا الدول التي تمتاز بالأساس بمناطق ريفية مقابل الدول ذات المراكز الحضرية الكبيرة).

[10]  المتوسط في-OECD الذي يظهر في الرسم البياني حدّد كمعدّل متحرك (7 أيام) للقيمة المتوسطة لمؤشرات التنقل لدول  OECD في كل يوم.

[11] الانخفاض في معطيات إسرائيل في الفترة الأخيرة من العينة يعكس تأثير الإغلاق في فترة يوم الذكرى ويوم الاستقلال.  


​​​​​​​